![نوكيا تستحوذ على سكالادو [مقابلة حصرية مع فادي عباس مؤسس سكالادو]](/images/EditorialDefault.jpg?w=732&mode=fit&scale=both)
أسس فادي عباس سكالادو في لوند بالسويد عام 2000. فادي هو لبناني الأصل يعيش بين الصين، السويد ولبنان. درس هندسة الاتصالات في جامعة لوند، ويحمل ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ياڤلى السويدية، القديس توماس في مِنيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة ماينز الألمانية. بجانب سكالادو، أسس فادي وأدار عدّة شركات أخرى في مجال التقنيات والاستشارات التقنية. أنهت نوكيا صفقة الاستحواذ على سكالادو بالكامل منذ يومين، وكان لنا هذا اللقاء الحصري مع المؤسس ومدير فريق التسويق بالشركة، حتى استحواذ نوكيا، عن رحلته الناجحة وكيفية خروجه. تقنيات سكالادو، بحسب الشركة نفسها، موجودة في أكثر من مليار هاتف محمول مزوّد بكاميرا.
عرب نت: ما هي شركة سكالادو وكيف تأسست؟
فادي عباس: سكالادو هو اسم لاتيني يُعني الشجاعة في تنفيذ الأشياء، وهو كذلك كان اسمًا لحصان في مَكبِث، رائعة شكسپير. سكالادو هي شركة تعمل في تطبيقات التصوير للهواتف المحمولة، أسْستها، بمشاركة ثلاثة آخرين، بعدما جئت إلى السويد للدراسة منذ خمسة عشر عامًا. جاءت الفكرة عندما قررت أنا وصديق سويدي عام 1998 مساعدة أمه في الترويج لمتجر النظارات الذي تملكه، عن طريق تطوير تقنية تمكّن زوّار الموقع الإلكتروني الخاص بالمتجر من تكبير صورة النظارات عالية الدقة بدون الحاجة لتحميلها. نجحت الفكرة قبل انفجار، فقررنا مسايرة التطوير على مدار السنين، حتى صارت سكالادو من أحد عمالقة تطبيقات التصوير، تمتد فروعها من الياپان للولايات المتحدة الأمريكية مرورًا بكوريا، تايوان، هونغ كونغ والصين، ويعمل بها، قبل استحواذ نوكيا مباشرةً، 120 موظفًا.
هل سينتقل التقنيين والخبراء إلى نوكيا بموجب هذه الصفقة وهل خرج كل المؤسسين؟
بموجب هذه الصفقة، ستنتقل سكالادو بالكامل لملكيّة نوكيا، بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية، وسينتقل كذلك 50 من متخصصي ومطوّري تطبيقات التصوير لنوكيا. خرج بالفِعل كل المؤسِسين الأربعة، بما فيهم أنا، ولكن نوكيا شاورتني بشأن الإبقاء عليّ كمدير تسويق في منطقة آسيا، الذي يُعدّ سوق نوكيا الأول، لمعرفتي الجيدة بهذا السوق، ولكني رفضت العرض كوني لا أرغب في إعطاء رؤيتي لشركة أخرى غير شركاتي، بالإضافة لمشاريعي وطموحاتي الأخرى، كما لديّ تعاقدات لتطوير بعض التقنيات الجديدة مع شركات عملاقة أخرى في المجال.
هل سنرى تقنيات سكالادو في هواتف أخرى سوى نوكيا في المستقبل؟
قطعًا، لدى سكالادو اتفاقيات مع شركات أخرى مثل ريم، هواواي، لينوڤو، إن.إي.سي، ڤيرَيزون، تي-موبايل، بالإضافة لسوني. كل هذه الاتفاقيات سارية، بينما التقنيات المستقبلية ستكون حصرية لنوكيا بالتأكيد.
ما هي أهم إنجازاتكم مع سكالادو؟
في 2003، كنت أول مدون مصوّر (Phlogger)، حينما طوّرت تطبيقًا يعالج مشكلة صغر سعة الذاكرة لهواتف نوكيا 7650 و3650 التي لا تتجاوز 8 ميغابايت، حيث لا تمكّنك سوى من تصوير 30 صورة على أقصى تقدير، وكانت هذه مشكلة تواجه المستخدمين أثناء السفر مثلًا، خاصةً إن لم تكن تملك كاميرا. هذا التطبيق كان يقوم تلقائيًا بإنشاء موقع إلكتروني لنشر الصور المُلتقطة، في نفس الوقت الذي يفرّغ فيه ذاكرة الجهاز من الصور المنشورة بعد رفعها، عندما يتّصل الجهاز بالإنترنت. اقتربت سوني إريكسون [الآن سوني] منّا، واقترحت التعاون معنا، بعد أن عرضنا هذه التقنية في معرض في هانووڤر عام 2003، ومنذ وقتها ونحن نعمل على تقنيات التصوير المُدمجة في الهواتف المحمولة. عملنا بالفعل مع سوني إريكسون بحكم وجودنا في السّويد، حيث طلبوا منّا تطوير تقنية للتصوير الپانورامي على الهواتف المحمولة، وافقنا وقتها ولم نكن نعرف كيف سنطوّرها! عملنا على هاتف سرعة معالجه كان 32 كيلوهرتز فقط [سرعة معالجات الهواتف المحمولة اليوم تصل إلى 1.5 غيغاهرتز]، وكانت مساحة الذاكرة المتاحة هي 16 كيلوبايت فقط. في 2003، أُصدرت أول هواتف سوني إريكسون التي تحمل تقنية سكالادو للتصوير الپانورامي وكانت كي710، تي610، وپي800. وهي خصيصة لم تتوقف في أيّ من هواتف سوني حتى الآن [بعد شراء سوني لحصة إريكسون بالكامل مطلع هذا العام].
لدى سكالادو فهم مختلف للتصوير، فنحن طوّرنا تقنية الوصول العشوائي لامتداد جي.پي.إي.جي (JPEG)، وأسميناها (Random Access JPEG). سمحت هذه الخصيصة بمعالجة الصور على أيّ محمول تبدأ سرعة معالجه من 100 ميغاهرتز، وهذه هي التقنية التي قفزت بها سكالادو لمستوى أعلى بكثير. عرضنا هذه التقنية على نوكيا وسامسونغ، فاشتراها على الفور، ثم تبعتهما إل.جي.، موتورولا، إتش.تي.سي، وغيرها الكثير. عندما حلّ عام 2007 كنا نتعامل مع كل شركات المحمول الكبرى في العالم.
ساعدتنا نفس تقنية الوصول العشوائي كذلك في التقاط صور ذات حجم صغير مع الحفاظ على جودة عالية. بالرغم من أن سعة الذاكرة لا تشكل عائقًا كبيرًا، ما زالت هذه التقنية مُستخدمة إلى يومنا هذا في كثير من الهواتف المحمولة، لإتاحة سعة الذاكرة من تخزين بيانات أخرى غير الصور.
تعاونّا بعد ذلك مع كوالكوم، تكساس إنڤستمنتس وإن.ڤيديا لتطوير تقنية سپيد-تاجز (Speedtags) في عام 2007، وهي التقنية التي أصبحت موجودة في هواتف كثيرة فيما بعد، حيث تسمح لك بعرض الصورة على شاشة هاتفك مهما كان حجمها كبيرًا.
طوّرنا كذلك تقنية تمكن المستخدم من حفظ عدّة صور في الضغطة الواحدة، ثم إتاحة التبديل بين عناصر الصور المختلفة لاختيار أفضل لقطة وأفضل ضوء وأفضل لون، إلخ... سواء بعد التقاط الصورة مباشرةً أو حتى بعد رفعها على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذه التقنية هي التي فتحت الباب فيما لإمكانيات مثل التصوير بالمدى الديناميكي العالي (HDRI)، تنظيف محيط الصورة أو إزالة عناصر غير مرغوب في وجودها في الصورة، التصوير الپانورامي في زمن قياسي (Real-time panorama capturing)، قياسية غلق مصراع الكاميرا (Zero Shutter Lag)، الإعادة (Rewinding)، وفلاتر الصور، ضمن حزمة تعديلات أخرى لتحسين الصور المُلتقطة، كون كل هذه التقنيات أصبحت مقبولة على الهواتف المحمولة. كل هذا جعل المستخدم العادي يعتمد على كاميرا هاتفه المحمول، بدلًا من شراء كاميرا احترافية باهظة الثمن. وهذا ما جعل كذلك شركات مثل نَيكون وكانون يتشاورون معنا، وبالفعل عملنا على تطوير بعض التقنيات معًا، وشكّل هذا تحديًا كبيرًا، كون التعاون مع شركة محمول في مجال التصوير هو شيء، بينما التعاون مع شركة تصوير بالأساس في مجالها هو شيء آخر تمامًا.
بعد عدة أبحاث ودراسات أجرتها شركة نوكيا، وجدت أن المستخدم العادي لا يحتاج سوى 5 ميغاپِكسل فقط، وحتى جهاز نوكيا پيورڤيو 808 لا يستخدم سوى 5 ميغاپِكسل، ولكن بمصاحبة جودة عالية، بينما تتخلص ذاكرة الهاتف من حجم الصورة الزائد. كما أن سكالادو حصلت على مدار السنين على العديد من الجوائز.
ما هي أبرز المصاعب التي واجهتكم؟
في أول الرحلة، واجهتنا صعوبة إيجاد شركات تثق فينا، وتستطيع أن تقود منتجنا للأسواق، حيث كانت بيئة الإنترنت وقتها أصعب من الآن، وكان من الصعب الدخول في شبكة علاقات جيدة وكبيرة، غير أن الاستثمار في مجال الإنترنت نفسه كان يُعدّ مخاطرة، ناهيك عن المشاكل التقنية التي قابلناها من ضعف سرعة المعالجات وصغر مساحات الذاكرة. نجونا من فقاعة الإنترنت، وقتما أفلست شركات كثيرة في المجال، بفضل علاقاتنا مع سوني إريكسون.
ولماذا لم تشتهر سكالادو مثل إنستغرام مثلًا؟
سوف أكون صادقًا معك، مركز مجال التقنيات هو وادي السيليكون وليس السويد. منذ 2007، وأنا أريد أن أنقل الشركة كلها لسان فرانسيسكو، ولكن المستثمرين الاسكندناڤيين لم يكونوا مخاطرين أو "حالمين" بما فيه الكفاية، وفضّلوا البقاء في بلادهم. قد أكون نجحت في إنشاء فرع للشركة في الولايات المتحدة، ولكن بقي المقر الرئيسي في السويد. مع احترامي الكامل لإنستغرام، هي لا تقدم ذرة من التقنيات التي نقدمها نحن، ولكن وجودها في وادي السيليكون هو الذي مهّد الطريق لشهرتها الكبيرة، غير علاقات الصداقة التي تجمع مؤسسيها ببعض الشخصيات رفيعة المستوى في فيسبوك، حيث اشترتها الأخيرة قبل الاكتتاب العام مباشرةً لتعزيز وجودها على الهواتف المحمولة وزيادة قيمة أسهمها.
إذن، من كانوا منافسيك الرئيسيين؟
كثير من شركات الهواتف المحمولة كانت تحاول تطوير برمجيّاتها داخليًا، بدون الاستعانة بشركة متخصصة مثلنا. الشركتان المنافستان الرئيسيتان كانا آركسوفت الأمريكية ومورفو الياپانية (الروابط لمواقع إنكليزية).
كيف استخدمت وسائل الإعلام الاجتماعي في تعريف المستهلك بسكالادو؟
حملت مسؤولية تسويق سكالادو في 2007، وبالفعل أنشأت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعرضنا إعلاناتنا على صفحة يوتيوب بغرض التواصل مع المستهلكين مباشرة، وتواصلنا كذلك مع مواقع الأخبار التقنية المهتمة. وأنا سعيد كوني أُجري لقاءً صحفيًا باللغة العربية للمرة الثالثة فقط على مدار تاريخي المهني.
ما هي خططك المستقبلية؟
نعمل حاليًا على مشاريع كثيرة، منها تطوير تقنيات السّحابة مع فيسبوك وغوغل، وهناك مشاريع أخرى مع نوكيا. نعمل كذلك على تطوير منصّة للتواصل باستخدام الصور (Image Communication Platform)، كما نعمل على تعزيز فعالية مشاركة الصور على مواقع التواصل الاجتماعية، وتطبيقات أخرى مثيرة لا أستطيع الإفصاح عن معظمها الآن، ولكن عرب نت ستكون أول المطّلعين عليها في المستقبل.
في النهاية، بماذا تنصح مبادري الأعمال والشركات الناشئة الإقليمية؟
هناك فرص كثيرة جدًا في قطاع القنيات، وهو مجال ضخم. أدعو المطوّرين والتقنيين الشباب للبحث واقتناص الفرص. لا أعترف بوجود عاطل عن العمل في هذا الحقل بالذات، فالمجال مفتوح على مصراعيه بلا حدود بفضل الإنترنت. استخدم عقلك للبحث عن مشكلة تواجه مجموعة من الناس في أي مكان في العالم، وطوّر تطبيقًا مناسبًا. أنا مثلًا، لم أعمل بحياتي عند أحد، حيث أسست شركاتي كلها بنفسي منذ البداية. أسس شركتك الخاصة!
بينما أقول لمبادري الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة أن يحاكوا الثورات السياسية، بعمل "ثورة" لشركتك على مواقع التواصل الاجتماعي. تأكّد من استخدام المواقع الاجتماعية "المجانيّة" في الترويج لنفسك وشركتك بالشكل الصحيح. أنشئ حسابات كاملة ومُحدّثة باستمرار على المواقع الاجتماعية المختلفة، فهي طريقك للتشبيك مع المبادرين والمستثمرين الآخرين. اعتمد على نفسك في البداية، أعمل 18 ساعة في اليوم، وأكثر إن كان لديك موعد نهائي لتسليم العمل، فهذا هو مبادر الأعمال الناجح. قد تواجه صعوبات معيشية في البداية، ولكن كلنا تعرّضنا لمثل هذه المواقف حتى استطعنا بناء أنفسنا. لا تبحث عن حاضنة مالية في البداية، بل استهلّ بالفكرة وابحث عن مستثمر علاقات، وليس مستثمر مالي، أي المستثمر الذي سيمكّنك من عرض فكرتك على الشخصيات المناسبة.
أتوجه أيضًا للمستثمرين والحاضنات داعيهم للمخاطرة في الأفكار المتميّزة في قطاع التقنيات.
أقول لكل من يقرأ هذه المقابلة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لقد مللنا من كوننا مستهلكين للتقنيات، لابد أن نتحول لمنتجين.
تابع فادي على موقع لينكِدإن هنا، وتعرّف على تقنيات سكالادو المختلفة من هنا (بالإنكليزية).