تأثيران للفيديو على مستقبل القطاع المصرفي‎‎

رجوع
David Horton
أكتوبر 21 2014
صناعة
تأثيران للفيديو على  مستقبل القطاع المصرفي‎‎
شارك هذا المقال

يشهد القطاع المصرفي اليوم ظهور ابتكارات عديدة تنقله إلى العصر الرقمي. حيث تؤدي تقنيات جديدة كالقطاع المصرفي على الموبايل، من حيث تسديد الدفعات والتجارة، والفروع الذكية، وغيرها، إلى دفع المصارف إلى تجديد نفسها والتفكير في وسائل لتعزيز الاتصال بالزبائن من ذوي المعرفة التكنولوجية. ووسط كل هذه التغيرات التي تواجهها المصارف اليوم، نرى إقبالًا متزايدًا على متابعة الفيديو عبر الإنترنت.

لا يعلم معظم المصرفيين بعد أن موقع يوتيوب يحتلُّ المرتبة الثانية، بعد غوغل، بين أكثر المواقع المستخدمة للبحث على الإنترنت. وهذه المعلومة المعروفة هامَّة، لأنها تدل على عقلية المستهلكين هذه الأيام، وتوضح أن المستخدمين يريدون أن «يروا ويسمعوا» عن المنتجات والخدمات قبل أن يتَّخذوا قرارًا باستخدامها. وبالنظر إلى الجهل بتلك المعلومة، ليس من المفاجئ أن معظم المصارف لا تستغلُّ هذا الوسيط (الفيديو) لتتميَّز في قطاع تنافسي إلى هذا الحد. في هذه المقالة، سأتحدَّث عن مجالَين أساسيَّين للـ«فيديو» يجب على المصارف أن تركِّز عليها إذا أرادت أن تبقى موجودة في عالم تزداد جوانبه اتصالًا.

المحادثة بالفيديو للتفاعل مع الزبائن الموجودين

ما زال مبدأ افتتاح الفروع، منذ زمن بعيد، حجر الزاوية في توزيع الخدمات، وما زال يحتل موقعًا بارزًا في ميزانيات عمليات معظم المصارف. ومن غير المفاجئ أن تجادل المصارف غالبًا في الحاجة إلى الفرع والدور الذي سيلعبه في المستقبل. فمبدأ افتتاح الفروع المصرفية يمرُّ حاليًا بتغييرات يفرضها تطور العالم الرقمي، فكثيرًا ما نسمع عن تصاميم جديدة للفروع وتكنولوجيات تفاعلية جديدة تساهم في تعزيز العلاقة مع الزبائن وتخفِّف من حضور خدمات التبادل المالي التقليدية. ومع تزايد إقبال المستهلكين على استخدام الإنترنت والموبايل لإنجاز أعمالهم المصرفية اليومية، خفَّت الحاجة إلى وجود الفروع المصرفية تدريجيًا (مرة أو مرَّتين في السنة وسطيًا!)، وبالتالي، ليس مفاجئًا أن العديد من المصارف تسعى بدأب إلى تكوين شبكة فروع بالحجم المناسب. مع تناقص الاتصال المباشر بين المصارف وزبائنها، تواجه هذه المصارف تحديًا هو الحفاظ على «علاقتها» بهم، وألا تتحول إلى سلعة.

وتتفاقم المشكلة حين نضع في الاعتبار أن تنوُّع طبيعة زيارات الزبائن للفروع المصرفية تعني أن المصارف تجد صعوبةً في اختيار العاملين المؤهَّلين بالمهارات المناسبة، والقادرين على التعامل مع هذا الكمِّ من الخدمات الاستشارية. على سبيل المثال، قد يكون أحد العاملين في فرع مصرفي يتمتَّع بقدرة كبيرة على مساعدة زبون لديه استفسار حول حسابه، أو زبون يتقدَّم بطلب لنيل قرض شخصي، ولكنَّ هذا الموظَّف قد لا يتمتَّع بالمعرفة الضرورية لتقديم النصح حول الاستثمار أو لتقديم شرح وافٍ لخطة تأمين شاملة على الحياة. في خدماتٍ كهذه، تبرز أهمية المحادثة بالفيديو، وتُتِيح للفروع المصرفية أن تقدِّم خدماتها للزبائن من خلال المحادثة الشخصية بالفيديو مع مستشار مؤهَّل.

رغم أن المحادثة بالفيديو متوفِّرة على نطاق واسع للمستخدمين، فمعظمهم يعرفون خدمات مثل سكايب أو فيس تايم، ما زالت المصارف تتباطأ في الاستفادة من هذه التقنية لزيادة مركزية الموارد البشرية من الموظَّفين المؤهَّلين وتوظيفها في شبكة فروع واسعة. يجب أن تصبح هذه الخدمات -مثل أجهزة الصرَّاف التفاعلية Interactive Teller Machine، والمقصورات المخصصة للمحادثة بالفيديو في الفروع- بالتدريج جزءًا من العمليات المصرفية اليومية في مكان قريب من أي زبون.

قامت مصارف مثل بنك مشرق بوضع مقصورات للمحادثة بالفيديو في فروعها، ولا سيما أجهزة الصرَّاف الآلي الخاصَّة بكل فرع، في محاولة لتوفير خدماتها لزبائنها على مدار الساعة. ولم يكتفِ بنك مشرق بتوفير الخدمة في مواقع الفروع فحسب، بل وفَّر أيضًا خدمة المحادثة بالفيديو عبر الموقع الإلكتروني المخصص للعمليات المصرفية، بحيث يتلقَّى الزبائن الخدمة وهم في منازلهم. وكما زر MAYDAY الذي أضافته منصة أمازون، تغيِّر خدمة المحادثة بالفيديو طبيعة التواصل «وجهًا لوجه» التي توفِّرها المصارف لزبائنها. النتيجة: الزبائن الذين لا يرغبون في زيارة فروع مصارفهم بشكل متكرر يشعرون بأن المصرف يقدِّرهم ويحافظ على التواصل معهم، كما يشعرون بالراحة بأنهم سيجدون صوتًا ووجهًا حين يحتاجون ذلك.

في أماكن أخرى، قطعت هذه التقنية خطوةً إضافية. فقد تشكَّل أسلوب متطور لتقديم النصيحة عبر الفيديو في مصارف مثل بنك ASB، الذي يوفِّر خدمة المحادثة بالفيديو من خلال فرعه الافتراضي على صفحتهم على فيسبوك. خلاصة القول إن المصارف التي لم تعمل بعد على توفير خدمة المحادثة بالفيديو، يجب أن تفعل بسرعة.

المحادثة بالفيديو للتفاعل مع الزبائن المحتملين

إذًا، تساعد المحادثة بالفيديو على التفاعل وتقديم الخدمات للزبائن الموجودين، ونلتفت الآن إلى دورها في اجتذاب زبائن جدد. من الحقائق المثبتة أن الفيديو يزيد الاهتمام والتفاعل من التفاعل بين المستخدمين والمواقع الإلكترونية بأكثر من 20 ضعفًا من المواقع التي تعتمد على النصوص والصور الثابتة، ويمكن اليوم الوصول إلى هذه المواقع باستخدام الهواتف الذكية أكثر من أي محتوى آخر على الإنترنت. ومما يثبت ذلك الازدياد المتسارع لمن يقدِّمون النصيحة بالفيديو على موقع يوتيوب.

وقد نال مشاهير جدد -مثل PewdiePie- قاعدة هائلة من المشتركين على يوتيوب، وعدد مشاهديهم يتجاوز عدد مشاهدي الشبكات التلفزيونية التقليدية مثل CNN. ويبيِّن الولاء الذي حصَّله هؤلاء المشاهير من مشتركيهم قوة الثقة في ما يقولونه وأهمية تأثير الإعلام الاجتماعي.

ما زالت مصارف عديدة تخصِّص مبالغ صغيرة جدًا للتسويق عبر الوسائل الرقمية في ميزانياتها، ومبالغ أصغر لإنتاج محتوى الفيديو. في الماضي، كان التحدي الأكبر في إنتاج محتوى الفيديو هو كلفة إنتاجه، والوقت والجهد الذي يتطلَّبه صنع مواد فيديو بمستوى احترافي. ويتحول هذا التحدِّي إلى سوق جديد متغير، ونحن اليوم في مرحلة بداية تحوُّل إنتاج الفيديو إلى عملية غير مكلفة. فهناك مواقع إلكترونية جديدة -مثل Wooshii و MakeWebVideo- تقدِّم حلولًا للشركات التي ترغب في إنتاج محتوى فيديو منخفض الكلفة وعالي الجودة. وستكون نتيجة ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة توفير إمكانية للمصارف لإنتاج محتوى فيديو يشرح خدماتها ومنتجاتها، وينشَر على مواقعها الإلكترونية والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والفروع الرقمية، بهدف تعزيز التواصل مع المستهلكين.

علاوة على ذلك، يمكن استخدام محتوى الفيديو البسيط لمساعدة الزبائن على استخدام الوسائل الرقمية في عملياتهم المصرفية، عوض الوسائل التقليدية. ويمكن للمصارف أن تبدأ بصنع مواد فيديو للأسئلة المتكررة، بحيث تشرح هذه المواد للزبون كيفية دفع الفواتير عبر الإنترنت، أو تحويل مبالغ مالية للأصدقاء من خلال خدمة Mobile P2P وعبر فيسبوك.

إنَّ إمكانيات التسويق بالفيديو هائلة. وعندما تبدأ المصارف بإدراك أهمية الفيديو كعامل يدفع المستهلكين إلى تفضيل مصرف على آخر، ستكتسب هذه الخدمات الأهمية التي تستحقها. لا شك في أن هذا الكلام سيجد مصرفيين تقليديين يشككون به، ولهؤلاء أؤكد أن عدم التفكير بالفيديو كجزء مهم من العملية التجارية اليوم، هو كالقول عام 2004 أن الإنترنت ليست مهمة للقطاع المصرفي