تعرفوا إلى رسوم "الميمي"
سواء كان الرسم للوجه على شكل جمجمة يكتسي بابتسامة صفراء عريضة، أو بتعبير شديد الغضب والسخط، تطورت مجموعة Lebanese Memes (رسوم "الميمي" اللبنانية) بسرعة، من ظاهرة لبنانية عامة، إلى علامة بارزة في دوائر شبكات التواصل الاجتماعي. إذ لاقت هذه "الوجوه الغاضبة" المستوردة رواجًا واسعًا في لبنان والمنطقة، بعد "ترجمتها" إلى اللغة العربية، حيث ترافقت مع تعليقات عربية متميزة لتعبر عن حس السخرية اللبناني.
سلّطت رسوم "الميمي" الضوء على تفاصيل وخصائص متنوعة من الثقافة والمجتمع والحياة اليومية في لبنان. وسواء كانت الرسوم تسخر من الآباء الذين يبالغون في حماية أبنائهم، أو نجوم الثقافة الشعبية مثل مايا دياب وهيفاء وهبي ورامي عياش، أو الصعوبات التي يواجهها الشبان اللبنانيون الذين يقلدون كازانوفا في محاولتهم اجتذاب اهتمام الجنس اللطيف، أو طريقة اللبنانيين المريعة في قيادة السيارات، التقطت Lebanese Memes روح العصر كما يراها الشباب اللبناني. وقد صرحت المجموعة بأن مهمتها هي "توحيد جميع اللبنانيون (داخل لبنان وفي كل مكان في العالم) من خلال النكتة اللبنانية الصرفة".
آراء المتابعين
يقول جمال، وهو عضو في المجموعة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، وعمره 24 عامًا: "إنهم مبدعون حقًا ومضحكون جدًا". ويبدو أن أصدقاءه يشاطرونه الرأي، حيث يقول محمد حاج، زميل جمال في العمل: "لا يمكن لأحد أن يتوقع موضوع سخريتهم القادم. كلما حدث شيء ما في البلد، نجدهم جاهزين لتحويله إلى نكتة".
إلا أن متابعين آخرين لم يعبروا عن إعجابهم بأسلوب السخرية الفورية. تقول لولوا، مدربة الرقص: "أعتقد أن الاستمرار في هذا الأسلوب مضيعة للوقت والطاقة".
وتعبر رشا، الطالبة في الجامعة الأمريكية اللبنانية LAU والمعجبة "المحايدة" بالصفحة، عن توجس مشابه تجاه هذه الظاهرة: "لا شك أنهم مضحكون بعض الأحيان، ولكنني أشعر أن لديهم رسائل خفية؛ فهم يسخرون أحيانًا من مسائل جدية وخطيرة، كالتفجيرات التي تزهق الأرواح. هذه الأمور غير مضحكة، ولكن لعلها طريقتهم في المناداة بالتغيير".
بالنسبة إلى Trouble ("صاحب مشاكل")، أحد مؤسسي المجموعة المجهولين، لا تتعدى Lebanese Memes منفذ تعبير ضروريًا لشعب يعيش في بلد منقسم إلى مجموعات ودوائر اجتماعية متمسكة برأيها. يقول Trouble : "كل ما نراه في لبنان يوميًا هو سياسة، سياسة، سياسة أو دين، دين، دين". ثم أضاف المساهم في تأسيس المجموعة: "الطائفية تقتلنا ... وتقدم [Lebanese Memes ] تنفيسًا للناس عن غضبهم، وتوحدهم من خلال النكتة".
وكان هذا النفور الأصيل من السياسة والطائفية هو ما جذب المعجبين بأعداد مدهشة؛ فخلال يومين من إطلاقها يوم 9 شباط/فبراير 2012 ، اجتذبت Lebanese Memes أربعة آلاف متابع. وخلال أقل من شهرين، كان المجموعة قد اجتذبت أكثر من 33 ألف متابع، منهم 2000 في كندا، و 1500 في أمريكا، و 1000 في الإمارات العربية المتحدة. ويقول Trouble إن معدل زيارات الصفحة هو حوالي 200 ألف في الأسبوع، مما يجعلها إحدى أكبر صفحات فيسبوك اللبنانية شعبية.
ويعلق Trouble على النجاح السريع لصفحة Lebanese Memes على فيسبوك قائلًا: "كانت مفاجأة غير متوقعة إطلاقًا، وعفوية تمامًا؛ فقد كان هدفنا الأساسي أن تكون الصفحة وسيلة لتبادل النكات بين الأصدقاء".
البداية
قام Trouble ، الذي تخرج في الجامعة اللبنانية ويحمل شهادة الماجستير في التسويق من مدرسة نانت للإدارة في فرنسا، بتأسيس Lebanese Memes مع اثنين من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت AUB عمر الأول 29 عامًا والثاني 27 عامًا. يروي Trouble الحكاية على الشكل التالي: "صديقي مهندس كهرباء ويسافر كثيرًا بحكم طبيعة عمله. وذات يوم، كان أمامه ساعتان حتى موعد إقلاع طائرته في مطار البحرين، فقرر أن يؤسس الصفحة ... فاق رد الفعل كل التوقعات".
ومما يحير الكثيرين أن المؤسسين الثلاثة يصرون على عدم الكشف عن هويتهم، بالرغم من تلقيهم عروضًا مغرية من شبكات تلفزيون لبنانية راغبة في تقديم الرعاية أو الإعلان، أو في استضافة مسابقات لرسوم "الميمي" والتعريف على نطاق أوسع بهذه الظاهرة سريعة النمو. فهل كان هذا الرفض استراتيجية تسويقية تعتمد على الغموض والتخفي؟ على ما يبدو، لا؛ إذ يقول Trouble بحزم: "أنشأنا الصفحة بهدف المرح. لسنا نبحث عن الشهرة الشخصية ولا نريد للصفحة أن ترتبط بأي فرد بعينه".
التطبيقات: أنشئ رسم "الميمي" الخاص بك
في محاولة لإثبات وجهة نظرهم المعارضة للشهرة الشخصية، لم يقم المؤسسون الشباب بإتاحة المجال لاقتراحات المتابعين وروسمهم فحسب، بل قدموا لهم أيضًا الأدوات المناسبة لينشئوا رسوم "الميمي" الخاصة بهم. إذ يمكن للمعجبين الآن زيارة قسم Create a MEME !!! (أنشئ رسم "ميمي") على موقع Lebanese Memes واستخدام أداة Ragemaker ، وهي برمجية مستوردة صُنعت خصيصًا لمنشئي رسوم "الميمي" لأول مرة. وحتى اليوم، قام أكثر من ألف معجب باستخدام هذا البرنامج لمشاركة حس النكتة لديهم مع الآخرين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.
يمكن للمستخدمين، الذين يعتمدون على التطبيقات ويتابعون موجة شبكات التواصل الاجتماعي الجديدة، أن يحمّلوا أحدث تطبيقات Lebanese Memes للهواتف الذكية، والذي تم إنشاؤه في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، بهدف نشر النكتة على نطاق أوسع. يذكر أن أول تطبيق أنشئ في آب/أغسطس 2013 من شركة GreenZ Apps بسعة 4.96 MG . لم ينجح هذا الإصدار في إرضاء المستخدمين، وتلقى العديد من التعليقات السيئة التي أشارت إلى أن التطبيق "فاشل" بسبب "صعوبات في التصفح السلس" والخيارات التي تضيع الوقت.
أما الإصدار الثاني، الذي بدا أنه أكثر نجاحًا، فقد أنشأه المبرمج نادر عياد. تلقى التطبيق تعليقات إيجابية من المزيد من المستخدمين الذين عبروا عن رضاهم؛ إذ تلقى تقييمًا بدرجة 4.6 من عدد كبير من المستخدمين وصل إلى 1214 (الإصدار الأول تم تقييمه بدرجة 3.9 من 63 مستخدمًا).
وقد قمتُ شخصيًا بتحميل الإصدار الأول من GreenZ Apps ، ولم أجد تصفح آخر الصور ومقاطع الفيديو صعبًا (أحدثها كان قد أنشئ قبل 162 يومًا بالضبط). لعله كان إصدارًا تجريبيًا يمكن تحسينه في المستقبل؟
أيًا يكن الحال، كلا التطبيقين يعدان بتحديثات دائمة للصور ومقاطع الفيديو المبتكرة، كي يتمكن المستخدمون داخل وخارج لبنان من الضحك والابتسام طيلة اليوم.
انتشار النكتة في المنطقة كلها
لم يمضِ وقت طويل إلا وكانت الظاهرة قد انتشرت على نطاق أوسع على امتداد المنطقة العربية؛ فخلال أشهر، ظهرت العديد من حسابات فيسبوك وإنستاغرام بالروح نفسها، منها: Nekat Free Style (نكت بأسلوب حر)، وNekat awiyeh (نكت قوية)، وKing of Nekat (ملك النكت). وفي الوقت نفسه، عملت دول عربية أخرى على نسخها الخاصة من رسوم "الميمي"، في مجموعات مثل "نكت عربية ولبنانية" و"نكت سعودية"، وجمعت الأولى 96 ألف متابع والثانية 885 ألف متابع.
ولكن، يؤكد Trouble أن "الهدف ليس التنافس، بل التعاون لنشر الرسالة". وبالفعل، انتشرت الرسالة بسرعة، بفعل حب العرب للسخرية.