لم يعد سرا تفوق صناعة الالعاب على الافلام في الاداء. في العام 2012 فقط، حققت أرباح بضعف قطاع الافلام عالميّاً. نمو الألعاب بشكل مطرد، صحب ثورة في الألعاب أطلقتها الهواتف النقالة. العام الماضي، حققت Call of Duty: Black Ops 3 حوالي 550 مليون دولار في اول 3 ايام من اطلاقها. في سبيل المقارنة، فيلم جايمز كاميرون الذي سجل ارقاما قياسية في المبيعات Avatar حقق حوالي 100 مليون دولار في أول اسبوع على اطلاقه.
ليظن المرء ان جميع الاسواق حول العالم ستلاحظ ارباح الالعاب وتنطلق في دعمه مثلما فعلت الصين في الدفع باتجاه العاب الكومبيوتر والموبايل – لكن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لم تعط الدفع اللازم الا في السنتين الماضيتين. الموهبة موجودة، لكن ما هي البنى التحتية الموضوعة لمساعدة قطاع الالعاب الاقليمي بالبروز مثلما حصل في كل مكان؟
ثمة نمو ملحوظ في القطاع، يقوده مجموعة من المطورين العرب المتحمسين واستديوهات كبرى مثل Game Cooks وأخرى صغرى لكن منتجة مثل Groovy Antoid وهذا ما ينعكس في شعبية الالعاب الاقليمية مثل Game Zanga و Game Jamوالاجزاء العربية والاقليمية من Global Game Jam. ولما لا؟ كل المؤشرات الاقليمية تدل على انتشار المعلوماتية من خلال الهواتف الذكية المنتشرة اكثر فاكثر. ما يزيد من الحماسة، هو واقع ان عدد السكان المتحدثين اللغة العربية هو 280 مليون والذين يشكلون بمعظمهم قطاع شبه غير ملموس – ومليء بقاعدة العملاء المستعدين للادمان على العاب من المنطقة!
السوق :Lara Croft تنطق بالعربيّة
أحمد الصفار من Play 3arabi يؤكد لنا أن دول مجلس التعاون الخليجي هي في طليعة اللاعبين الناشطين مع السعودية تشكل 50% من لاعبي الموبايل المتحدثين باللغة العربية وهو عدد لا بأس به إذ يبلغ 30 مليون شخص. كما تتميز السعودية بكونها المضيفة لأكبر عدد من الحيتان – وهو الاسم الذي انطبق على أكثر من ينفق المال داخل الالعاب وهم زبدة وخبز مطوري الالعاب. كما تعد قطر والامارات والكويت من أكبر المنفقين وهي اماكن ذات نسب اعلى من اللاعبين من السعودية.
من المثير للاهتمام أن 20 بالمئة من مبيعات ألعاب الموبايل العربية التي يسجلها أحمد عبر الأسواق الرقمية مثل Apple App Store تأتي من حسابات في الولايات المتحدة. سبب هذا جزئيا هو العدد الكبير من عرب المهجر، لكن، بحسب توقعات أحمد، الكثير من هذه الحسابات في الولايات المتحدة يملكها لاعبون محليون الذين يفضلون الآب ستور الاميريكي ويعتبرونه أقل تعقيدا في المحتوى. وتبين أنه من الصعب تغيير هذا المعتقد بما أن عدد كبير من الجمهور المستهدف يتطلع الى الاسواق الموبايل العالمية المليء بالآلاف من الألعاب المتنافسة.
دوليّا، صناعة الالعاب العالمية تعطي اهتماماً أكبر لسوق الشرق الاوسط وشمال افريقيا – مثلما يتبين من التعريب في فيفا وTomb Raider، وآخر عدد من Call of Duty: Infinite Warfare (نداء الواجب: حرب غير متناهية) وقد تضمن آخر اعلان لها امرأة لبنانية ببزة عسكرية تحمل علم لبنان. Ubisoft و Gameloftفي أبوظبي ودبي – وغيرهم من كبار لاعبي القطاع لاحظوا منطقتنا كقاعدة للتسويق مما سيدفع من عجلة الالعاب محلياً. وما تحتاجه هكذا طفرة حاليا، هو قيد المعالجة من المجموعات الاقليمية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الدعم الحكومي
المبادرات الحكومية أساسية لتحقيق التطور والنمو، ونذكر من بين ما حدث في القطاع، المصرف المركزي في لبنان الذي أنشأ المرسوم 331 في العام 2014 وهو تضمن ضخ 400 مليون دولار في السوق اللبناني مما أدى الى نشوء منطقة بيروت الرقمية لمساندة المواهب والمنطقة الاعلامية twofour54 في أبوظبي حيث شركات مثل Creative Labادت الى ظهور لعبة الموبايل الاماراتية Shaheen.
بالنسبة لأحمد، أكبرمجهود حكومي حصل حتى اليوم هو في تونس، وقد اثبتوا هذا الامر في حضورهم الناجح في مؤتمر الالعاب MEGA Games 2016 حيث فاز "فريق الاحلام" التونسي بالجائزة الاولى في مسابقة الالعاب العربية . دول اخرى مثل الاردن تمول المبادرات المحلية في القطاع وبشكل غير مباشر مثل صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية مختبر الالعاب الالكترونية.
حجم الاستثمار
في نهاية المطاف، هذه بداية جيدة ولكن ما لم يتم الحصول على التمويل الخاص ورأس المال الاستثماري، فإنه لن يكون كافيا الحفاظ على صناعة شابة لا تزال في خضم متاعب نموها. الاهتمام موجود كما هو متمثل في اطلاق شركات مثل مجموعة IFP لأول مؤتمر ألعاب في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في ابريل نيسان الماضي في بيروت، MEGA ومؤتمر #MEGCON في دبي بالاضافة الى فروع محلية لمنظمات دولية مثل IGDA و GGJ (Global Game Jam)بالاضافة الى مؤتمر الرياض الخاص بألعاب النساء GCON والمطور اللبناني المستقلArabArcade الذي لا يمكن التقليل من شأنه. مجتمعات صحية تنتج قطاع شامل وفعال في توليد والحفاظ على المواهب المحلية – وإغراءها في أن تظل محلية مع تشجيع الخبراء العرب الذين يعملون حاليا في الخارج إلى العودة الى وطنهم والمساعدة في بناء صناعة ألعاب الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وقد وجد المطورون العرب نجاحا إقليميا وعالميا، خاصةً في قطاع ألعاب الموبايل حيث تكون فرق العمل والميزانيات أصغر بكثير من متوسط ما تحتاجه ألعاب الكمبيوتر أو الكونسول. وشهدت لعبة بول سلامة الافتراضية عن الحيوانات الأليفة Pou لآندرويد وبلاك بيري وiOS نجاحات حول العالم وهي متاحة بعدة لغات بما فيها الإنجليزية والعربية. قصة نجاح أخرى اندلعت في السوق العالمية للموبايل هي “Babylonian Twins” التي ابتكرها ثلاثة مطورين من العراق لآندرويد وiOS: موقعها فيها أكثر من مليوني تنزيل وأطلقت مع ثناء نقدي كبير.
Babylonian Twins (التوأم البابلي) هي اللعبة الأولى في اتجاه الألعاب الإقليمية التي تستلهم تقاليد ثقافية خاصة، ممهدةً الطريق لألعاب أكثر تطورا من الناحية التقنية مثل “Tribal Rivals” (التنافس القبلي) لعبة الموبايل المجانية التي تمكنك من بناء قبيلتك العربية الصحراوية الخاصة بك، ثم الدفاع عنها من القبائل الصحراوية الآخرى التي ينشئها لاعبين آخرين في اسلوب لعب يذكرنا بشعبية Clash of Clans (صراع العشائر).
قطاع الالعاب مليء بالمخاطرة، لكن بنفس الوقت، تحتوي منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا على المواهب لكن ينقصها التمويل الجريء والتنظيم الذي يتطلبه اطلاق اي لعبة منافسة. كما ان المردود المادي كبير ولذلك سنرى قصص نجاحات أكثر من المنطقة والمزيد من المستثمرين يدعمون المشاريع المحلية في المسيرة نحو الاستقرار. ببساطة، لا أتوق الانتظار!
دينا هي مصممة وفنانة ومصممة حبكة ألعاب من لبنان. عملت في قطاع الالعاب منذ أكثر من عقد انطلاقاً من القطاع المتواضع في المنطقة حتى العمل مع شركات لمصممين اسطوريين في اليابان. تكرس وقتها لاتقان الفن القصصي ولديها مجموعة قصصها وهي تعمل حالياً على اول لعبة افتراض واقعي حول الهوية العربية. كما انها تحضّر لحديث حول التمثيل العربي في الالعاب بعد أحداث 11 سبتمبر تلقيه امام جمهور من مطوري ألعاب غربيّين.
يمكن قراءة مقالات مشابهة:
تونس: قطاع تطوير الألعاب نحو المزيد من التقدّم
MEGAplay Game Jam في بيروت - البحث عن ألعاب أفضل