صورة الحجز على الانترنت عبر موقع Shutterstock
----
كان قطاع السياحة من بين أول المتأثرين بالرقمية على نطاق واسع. فالمسافر لم يعد مجرد متلقّ لخدمات القطاع، بل هو يتحكم بكل قرار بشأن الترحال، مما يثير التساؤل حول دور وكالات السفر. يتمتع العملاء اليوم بقدرة الحصول على المزيد من الخيارات والأخذ بزمام الأمور أكثر فيما يخص رحلاتهم وذلك بفضل مجموعة من وكالات السفر عبر الإنترنت (OTAS) وما يسمى بمواقع التجميع (مقارنة الرحلات وأسعار المواقع)، فضلاً عن عن مواقع الحجوزات على الانترنت والجوال وشركات الطيران والفنادق والمنتجعات ووكالات تأجير السيارات، الخ.
شهدت مجموعة Kurban تطوّر الصناعة من بداية السفر الجوي التجاري الشامل حتى التحول الرقمي الحالي كونها من أول وكالات السفر في لبنان ولديها أكثر من 60 عاما خبرة. في مؤتمر عرب نت بيروت 2016، تحدّث سليم بطرس مدير مجموعة قربان و Kurban Travel، ورجا قربان المدير الاداري لمجموعة Avis Budget في Kurban Travel عن هذا التطور والاستراتيجيات الضروري اتباعها حتى تستطيع وكالات السفر التقليدية من الاستمرار.
وثمة عدد أكبر من اللاعبين بتزاحم دائم في القطاع مع العلم أن ثمة هيمنة من اللاعبين العالميين مثل Expedia و Bookings.com. ولكن السوق ليست بمنأى عن التعطيل حتى الان. "التكيف والتمايز" هما شعارا المرحلة الحالية لكل من وكالات السفر التقليدية وOTAS . "أي وكالة لا تزال تعمل بأنظمة الحجوزات فقط معرضة لخطر أن تصبح بالية،" بحسب قربان.
فضاء يشهد تزاحم متزايد
من الواضح أن الوكالات التقليدية لا يمكنها البقاء من دون وجود على الإنترنت. اولا، الأرقام ليست في صالحهم. وفقاً لدراسة Google "طريق المسافر لاتخاذ القرارات في العام 2014"، ثلث السيّاح ونصف المسافرين من رجال الأعمال، يختارون OTA بناء على أدوات وخيارات الموقع، وخاصةً المقارنات السريعة والدقيقة للرحلات والأسعار. في الواقع، وجدت الدراسة أن أكثر من 75٪ من السياح الذين شملهم الاستطلاع يختارون OTA لأنها تقدّم أفضل الصفقات. بالمقارنة، 9٪ فقط يضعوا الولاء كالسبب الرئيسي وراء اختيارهم الوكالات التقليدية (بالأخص الخطط المحفّزة لولاء العملاء). في العام 2015، بلغ إجمالي مبيعات التذاكر من خلال وكالات السفر التقليدية في لبنان 560 مليون دولار. من هذا المجموع، وقدّرت مبيعات التذاكر عبر الانترنت من 80 إلى 100 مليون دولار، وفقاً لـ Kurban Travel. هذا الرقم يتخذ أهمية أكثر إذا ما أخذنا في الاعتبار أن GoKurban هي خدمة OTA الوحيدة المتكاملة في السوق المحليّة، والتي تم اطلقها في منتصف العام 2015. وفقاً لبطرس، ان خدمة الإنترنت تشهد نمواً مضاعفاً على أساس شهري منذ إنشائها. وهذا يدل على إمكانات كبيرة لحجز السفر عبر الإنترنت في البلاد.
ولكن مجرد التواجد على الإنترنت ليست ضماناً للنجاح. بالنظر إلى سوق السفر الجديد، زادت توقعات العملاء بشكل كبير فيما يتعلّق بكفاءة الخدمة والتكلفة. بالمقابل، والمنافسة في القطاع صعبة للغاية. "السلالة الجديدة من وكالات السفر عبر الانترنت يمكنها ان تظهر مباشرة في غضون أسبوعين فقط"، قال قربان. بدأت هذه الوكالات تنتشر في جميع أنحاء العالم وتتزايد عضوياً، قبل أن تطلق سلسلة من عمليات الاستحواذ الهجومية للهيمنة على السوق. اليوم، المغامرة في سوق السفر الإلكتروني يعني مواجهة عمالقة مثل Expedia، Priceline، Hotels.com، اوبر، وغيرها – ناهيك عن مواقع الحجز الخاصة بشركات الطيران التي تجذب العملاء بتخفيض التكلفة وحوافز إضافية. "السفر بغرض السياحة ليس أمر معقد، يمكنك التصفح، ثم المقارنة، فالحجز. لهذا السبب مواقع مثلExpedia وBookings.com يمكنها أن تستوعب أعدادا كبيرة من العملاء،" قال بطرس.
وكالات السفر بحاجة إلى أن تصبح لا غنى عنها – من جديد
مع العدد القليل نسبياً من اللاعبين المسيطرين على السوق بشكل شامل، تحتاج OTAS لتقديم قيمة مضافة في عروضها من أجل البقاء والازدهار. من ناحية أخرى، الفرص في هذا القطاع تحولت باتجاه التوطين والتخصص. لقد حان الوقت للاستفادة من سنوات الخبرة في التعامل مع العملاء مباشرة، والمتواجدة حالياً، من أجل تقديم خدمات مميزة سواء على الانترنت او من دونه. واضاف بطرس أن "التخصص هو كل شيء"، بدلا من الاعتماد على الحجوزات فقط أو سياسة النهج الواحد الذي يناسب الجميع. هنا لمحة عامة عن الاستراتيجيات التي يتم اعتمادها:
1- أن تصبح محطة للتوقف مرة واحد:
على الجبهة الداخلية، عملت Kurban Travel على تطوير فرق العمل المتخصصة في قطاعات مختلفة لتعزيز مكانتها كإحدى وكالات السفر الاستشاريّة. يقترح GoKurban عطل خاصة وباقات موسميّة، بالإضافة إلى رحلات بحرية ورحلات شهر العسل، الخ. التي يتم اختيارها بعناية من قبل هذه الفرق. ويمكن للمسافرين أيضاً حجز إقامتهم في الفنادق، واستئجار السيارات، والبحث عن المعالم والأنشطة السياحية في وجهاتهم المختارة. ثمة مربع للدردشة الحيّة متاح على الموقع لتقديم المساعدة للمستخدمين أيضا.
2- تقديم الخدمات للأسواق المتخصصة:
بعض الوكالات تقترح خدمات متخصصة تلبي أنماط الحياة الخاصة فقط. سفر الشركات، على سبيل المثال، هو سوق غير مستغل في لبنان. العملية لا تزال تتم، إلى حد كبير، من خلال التواصل المباشر من دون الحاجة الى الانترنت، خاصة لأنها تنطوي على اتخاذ موافقات أطراف مختلفة. أداة على الانترنت مثل قربان الشركات (Kurban Corporate) لا تزال جديدة في السوق المحلية، على الرغم من أنها تقدم الفواتير والمدفوعات، وتسهل الموافقات عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني لتبسيط العملية بالاضافة لتقديمها التقارير الحيّة. كما تقدم قربان الشركات خدمات التأشيرات والأحداث وإدارة الاجتماعات، والحلول لكبار الشخصيات، وأكثر من ذلك. قال بطرس أنهم نجحوا في عقد صفقات مع خمس عملاء بارزين، ومن المؤكد أن لبنان سيتبع الاتجاه الإقليمي للتحول نحو نماذج الحجز والسفر للشركات على الانترنت. ووفقاً لبطرس، عملاء الشركات كانوا قادرين على توفير حوالي 20٪ من ميزانية السفر من خلال الأداة الجديدة على الإنترنت.
وتشمل الأمثلة الدولية : WhereFor وهو موقع يسمح للمسافرين البحث عن الوجهات استنادا لمجموع ميزانياتهم للرحلات والفنادق. وRove: استشاري السفر لأفضل الوجهات استنادا إلى الأحداث الموسمية. Globus أو HalalBooking.com يقترحان السفر الى الأماكن الدينية أو يوفران باقات الحج. ومع ذلك، يشير قربان إلى أن تقديد الخدمات المتخصصة والحصرية بقاعدة عملاء معينة هو أمر محفوف بالمخاطر: "إذا كان حجم الفئة المتخصصة صغير، لا يمكن للشركات الجديدة أن تدر الجذب الكافي. إذا كان حجم الفئة المتخصصة كبير، وأمكن استغلاله بنجاح، فإنه سيؤدي إلى جذب المنافسة من قبل اللاعبين الكبار الذين لديهم فرص أفضل للوصول إلى الموارد ورأس المال." اذن، ثمة خطر على وكالة السفر عبر الانترنت أن يتم استحواذها، أو أن تخسر الحصة السوقية للعمالقة. قطاع السفر الحلال، على سبيل المثال، شهد وفرة من المواقع التي تتنافس للحصول على حصة في السوق مثل HalalTrip، وLuxuryHalalTravel، وMuslimBreak، وMuslimTravelGirl، الخ) بحيث انخفضت الفرص المتاحة في هذا القطاع إلى "المعتدلة" وفقا لتقرير Thomson Reuters حول الاقتصاد الرقمي الإسلامي.
هل يجب اللحاق بأوبر أو لا؟
خدمات تأجير السيارات هي جزء لا يتجزأ من خدمات السفر، وتشكل عامل تمايز مهم – وهو أمر مفهوم بالنسبة لمجموعة قربان منذ فترة حيث أطلقت Allo Taxi في العام 1999. التكنولوجيا، والهواتف الذكية على وجه التحديد، قد عطلت هذا القطاع أيضاً. في العام 2014، 80٪ من جميع حجوزات سيارات الأجرة كانت عن طريق مركز الاتصال في الشركة، مقارنة مع 15% للتطبيق. لكن في العام 2015، وانخفض نصيب مركز الاتصال إلى 50٪، في حين ارتفعت حجوزات التطبيق إلى 40٪. في هذا القطاع أيضاً، المنافسة شرسة: من جهة، خدمات تأجير السيارات عبر الإنترنت مثل شركتيAvis أو Hertz تقومان على الاستفادة من سمعة العلامة التجارية القوية، ومن ناحية أخرى، شركات الطيران، وأيضاً مواقع حجز الفنادق، وغيرها من لاعبي قطاع السفر لديها شراكات مع شركات تأجير السيارات أو تقترح الخدمات الخاصة بها. لفترة من الوقت، كثرت التكهنات حول كيفية تأثير بروز تطبيقات مثل اوبر وCareem على "المنافسين غير الألفيين".
ثم بدأ وهج أوبر بالتلاشي تدريجيّاً. وأوضح قربان أن Allo Taxi لا ترى اوبر وCareem كمنافسين. كالعديد من وكالات سيارات الأجرة في لبنان، اوبر لا تعمل بأسطولها الخاص من السيارات أو تمارس أي سيطرة على سائقيها الذين يعملون على أساس العمولة. "انهم وسطاء، معتمدين على المنتج، واليوم، لا يوجد كثير من الخدمات عالية الجودة فيما يخص سيارات الأجرة في لبنان." مع أسطولها الخاص، وسائقيها والبرمجيات المتقدمة، ومجموعة واسعة من خيارات الحجز (بما في ذلك الحجز المسبق ودعم مركز الاتصال)، وقال قربان أن لديهم سيطرة أكبر على خدماتهم، وهو ما يترجم إلى نوعية أفضل. بما أنهم أصحاب المنتج، فمن الممكن استخدام وسيط مثل اوبر كقناة مبيعات - شريطة أن يكون ناجحاً في السوق المحلية. بالنسبة له، نجاح اوبر في أوروبا لم يتم تكراره بعد في لبنان، لأن نوعية شركات سيارات الأجرة المحلية حتى الآن، لا تقارن بنظرائها الأوروبيين.
وكأن في محاولة لتوضيح هذا التآزر، بعد أقل من 3 أسابيع على عرب نت بيروت عام 2016، أعلنت Allo Taxi عن شراكة مع التطبيق الدولي لمشاركة السيارة، ECAB ومقرها في فرنسا: هي ستستمر بالعمل تحت علامتها التجارية، بينما تُقَدّم eCab في لبنان (على غرار الشراكة بين طيران الشرق الأوسط والخطوط الجوية الفرنسية). "بالنسبة للعملاء، eCab هو التطبيق دولي موحد يوفر الوصول إلى أفضل شركات سيارات الأجرة وسيارات الليموزين في العالم. في لبنان، هي سوف تقدم ثلاثة مستويات خدمة، بدءا برحلات الأسعار المعقولة في المدينة، وصولاً الى أكبر أسطول سيارات أجرة وخدمة حصرية لكبار الشخصيات مع السائقين،" كما أوضحت غنوة دندش المشرفة التسويقية في Allo Taxi. بالإضافة إلى ذلك، تتقبل eCab الدفعات إما عن طريق التطبيق الخاص بها، أو عن طريق الدفع نقدا للسائق، وهو أمر لا تقدمه أوبر حتى الآن في السوق المحلية.
الرقمية حليفة لا منافسة
تتمتعت وكالات الانترنت ببداية مبكرة قوية لجذب المستخدمين الألفيين ووضع توقعات جديدة فيما يتعلق الأمر بسهولة وسرعة حجز الرحلات الجوية، والسيارات، والفنادق. ولكن يمكن أيضا أن تكون محدودة من حيث خدمة العملاء بسبب وجودها الحصري على الانترنت. في حين أنه يمكن القول أنه بالرغم من الاستمرار الحالي لوكالات السفر التقليدية، فهي لن تبقى حيّة من دون الولوج الى عالم الرقمية، مع العلم أنها لن تسيطر على السوق مجددا. لدى قطاع السفر الكثير من المجالات، مما يعني أن توحيد الصفوف ضروري. في في حالة Allo Taxi و eCabعلى سبيل المثال، قدمت شركات تأجير سيارات الأجرة المحلية إلى الطاولة جودة المنتج، في حين أن خدمة التطبيق جلبت القنوات الرقمية، والمعرفيّة، وقاعدة الألفية الجماهيرية.
في نهاية المطاف، السفر كان دائماً متمحور حول التجربة، وليس فقط التكلفة أو الوسيلة، وسيستمر التركيز على تقديم أفضل جودة للمستخدمين سواء على الانترنت أو من دونه.
يمكنكم الاطلاع على مقالات مشابهة:
Allo Taxi وeCab على طريق التفوّق على Uber في لعبة حجز السيارات
اتجاهات رائجة في الحجز على الإنترنت للسفر- مقابلة مع "دستينيا"
شركة Travelstart Egypt تطلق تطبيقاً لحجز الرحلات الجوية لـiOS وAndroid
يمكن لوكالات السفر على الإنترنت التغلّب على هيمنة "أوبر" (Uber) – عرب نت، بيروت 2016