سيكون السفر من المكان أ إلى المكان ب متنوعًا بشكلٍ كبير في غضون سنوات قليلة. ومع اتّجاه البلدان إلى اعتماد التكنولوجيا الذكية والنقل الآلي والطاقة المستدامة، من المتوقّع أن يشهد قطاع النقل والحركة تغيّرًا كبيرًا.
تُعتبر تكنولوجيا النقل أولوية في تطوير "المدن الذكية". وقد بدأت بلدان عدّة بمبادراتها الخاصّة في اعتماد مثل هذه التقنيات حيث تظهر منطقة الخليج على وجه الخصوص تقدّمًا كبيرًا وتسبق في هذا القطاع.
وتحقّق معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي تقدّمًا ملحوظًا في شكلٍ ما. وقد وضعت مدن مثل دبي وأبوظبي والدوحة والرياض خططا ذكية للمدينة من أجل إنشاء مستقبل مستدام.
وقد كانت دبي، حتى الآن، السباقة في ما يتعلّق بالبنية التحتية للمدينة الذكية. وبالمقارنة مع الدول المجاورة لها من مجلس التعاون الخليجي، فهي متقدّمة أكثر بكثير من حيث النقل العام الآلي والمستدام.
وسائل النقل العام
تملك دبي استراتيجيات متعدّدة تهدف إلى تحسين وسائل النقل العام. وقد تطلّبت هذه المبادرات قدرًا كبيرًا من الاستثمارات، ولكنّها جعلت من هيئة الطرق والمواصلات في دبي رائدة في تقنيات قطاع النقل.
وقد استحدثت دبي وقامت بتحسين العديد من وسائل النقل العام التي تعرض بنجاح التكنولوجيا الذكية والاستدامة والأتمتة.
مترو دبي
كان مترو دبي أول شبكة قطارات في المناطق الحضرية في شبه الجزيرة العربية، حيث افتتح أول خط أحمر له في 10 سبتمبر 2009.
وهو أطول شبكة مترو بدون سائق في العالم مع مسار يصل إلى 75 كيلومترا وقطارات مترو مؤتمتة بالكامل. ولكن اعتبارًا من ديسمبر 2016، تفوّقت فانكوفر على دبي عن طريق نظام SkyTrain الآلي بالكامل، والذي يتجاوز طول المسار الكلي لدبي. ومع ذلك، لا يزال خط دبي الأحمر، الذي يغطّي مسافة 52.1 كيلومتر، أطول خط مترو في العالم بدون سائق.
يوفّر مترو دبي عددًا كبيرًا من الميزات والخدمات لراحة المستخدمين. ومن أبرز معالم هذه الخدمة:
الاتصال
-
اتصال مستمرّ بشبكة الواي فاي في كلّ أنحاء شبكة المترو مع تغطية كاملة للهاتف المحمول عبر كلّ الشبكة
-
نظام راديو متكامل بين المترو وخدمات الطوارئ المتاحة على القطارات وفي المحطات
الأمن
-
أكثر من 3 آلاف كاميرا مراقبة مثبتة في القطارات والمحطات لمراقبة أي انتهاكات أمنية على القطارات
-
قوة شرطة مترو مخصّصة متاحة في كلّ الأوقات لإنفاذ قواعد المترو
ترام دبي
إنّ ترام دبي هو نظام حديث وآلي بالكامل للسكك الحديدية، تمّ افتتاحه للخدمة العامة في 12 نوفمبر 2014. ويقع في الصفوح بدبي، ويمتدّ على مسافة 15 كيلومترا من مرسى دبي إلى نخلة الجميرا والصفوح.
كما يمكن الوصول إلى محطات الترام من محطة أبراج بحيرات الجميرا ومحطة مرسى دبي للخط الأحمر لمترو دبي مع محطتين للمترو من المتوقّع أن تتّصلا مع الترام في المستقبل.
ويُعتبر ترام دبي أول مشروع ترام خارج أوروبا مستدام بالكامل ويعمل بنظام إمداد كهربائي قائم على الأرض ويمتدّ على طول المسار حيث يحسّن الكفاءة ويزيل الحاجة إلى الإنفاق على أسلاك الكابلات.
وهو أيضا أول ترام في العالم يستفيد من "منصّة أبواب الشاشة" في محطات الركاب. وتتماشى مداخل المحطات تمامًا مع أبواب الترام أثناء فتحها وإغلاقها.
ويوفّر هذا الأمر أقصى قدر من الراحة والسلامة والأمن للركاب مع الحفاظ أيضًا على نوعية تكييف الهواء في المناطق الداخلية لكلّ من المحطات والعربات من الظروف المناخية المتفاوتة في دبي.
ويوفّر نظام الترام، على غرار مترو دبي، ميزات وخدمات مماثلة مثل خدمة الواي فاي والتغطية المتنقلة وشرطة الأمن وصناديق المكالمات في حالات الطوارئ.
الحافلات الذكية
قامت شركة تاكسي دبي ببناء شبكة حافلات واسعة على مرّ السنين والتي تشمل الطوابق المزدوجة والحافلات المفصلية. كما أنّها تقدّم باستمرار الحافلات الذكية المجهّزة بأحدث التقنيات، بما في ذلك كاميرات المراقبة ونظام تتبّع الأقمار الصناعية لتحديد المواقع.
ونقلت الحافلات العامة في دبي ما يقارب من مليون راكب في الربع الأول من هذا العام، بزيادة 2.5 في المئة عن العام السابق. وتعتقد هيئة الطرق والمواصلات أنّ ذلك يُعزى إلى التسهيلات العديدة المقدَّمة والمئات الجديدة من مآوي الحافلات المكيّفة في دبي.
بالإضافة إلى كونها مكيّفة الهواء، توفّر هذه المآوي الذكية مجموعة من الخدمات لركاب الحافلات العامة مثل خدمة الواي فاي المجانية وبيع بطاقة NOL وإعادة شحنها وزيادة نقاط الهاتف المحمول ودفع الفواتير الحكومية وشحن الهواتف النقالة وخدمات المعلومات وأكشاك الخدمة الذاتية وتوافر المرطبات والوجبات الخفيفة.
وتقوم خطوة دبي القادمة للحافلات الذكية على تثبيت نظام تتبّع لتحديد المواقع في كلّ الحافلات المدرسية في دبي. وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم والإمارات للنقل صراحةً عن اعتماد هذه الأنظمة الذكية لسلامة الطالب وإخطار الوالدين، حيث تقوم الخدمة بتبليغ الأهل بأوقات الحافلات والتأخير من المدارس أو المنازل وإليها عبر إرسال رسالة نصية.
وتشمل المرحلة الأولى تركيب الأجهزة في 2.345 حافلة مدرسية بين شهري أغسطس وأكتوبر، مع بدء التنفيذ في شهر نوفمبر. وسيغطي النظام كلّ الحافلات المدرسية التي تخدم 100 ألف طالب مسجّلين في 383 مدرسة حكومية في دبي والمناطق الشمالية.
أسطول سيارات الأجرة
كجزء من استراتيجية دبي الذكية للحراك الذاتي التي تهدف إلى تحويل 25 في المائة من إجمالي الرحلات في دبي إلى رحلات مستقلّة بحلول عام 2030، تعتزم دبي امتلاك 200 سيارة أجرة تسلا ذاتية القيادة على طرقها بحلول عام 2020.
وستخضع السيارات في البداية للاختبار، ثمّ سيتمّ استخدامها على "الطيار الآلي"، حيث لا يزال ثمّة حاجة إلى سائق بشري وراء عجلة القيادة، ولكنّها ستكون مجهّزة بالأجهزة اللازمة للقيادة الذاتية الكاملة. يمكنكم قراءة المزيد عن سيارات تسلا الآلية والتكنولوجيا هنا.
وبالإضافة إلى سيارات الأجرة على الطرق، تملك دبي خطة متفائلة لتوفير طائرات بدون طيار مستقلة تمامًا لنقل الركاب واحدًا تلو الآخر جوًّا. وقد عقدت شراكة مع شركة صينية، تقوم بتصنيع طائرات إهانغ 184 بدون طيار والتي تكون كهربائية بالكامل وتصل إلى سرعة قصوى تبلغ 100 كم / ساعة.
وتقوم مسارات المراقبة الجوية بمراقبة الرحلة بأكملها من خلال شبكة مشفّرة من الجيل الرابع. وكانت دبي قد خططت في البداية لجعل هذه الخدمة متاحة في الشهر الماضي ولكنّها واجهت حتمًا بعض النكسات مع مثل هذه الخدمة المعقّدة للنقل.
لقد تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل في الشهر الماضي – يمكنكم قراءة المزيد عن التكنولوجيا المعنيّة هنا.
سيارات الأجرة الهجينة
تتمثل إحدى مبادرات هيئة الطرق والمواصلات في استراتيجية السلامة البيئية والاستدامة التي تستلزم تحويل 50 في المائة من أسطول سيارات الأجرة إلى مركبات هجينة صديقة للبيئة بحلول عام 2021. وقد عقدت الهيئة صفقة لشراء 550 سيارة أجرة هجينة تشكّل نحو 11 في المائة من أسطول شركة تاكسي دبي - ولكنّ الشركة تهدف إلى زيادة هذه النسبة إلى 17 في المائة.
وتوقّعت الخطة زيادة في عدد السيارات الهجينة في دبي من 147 سيارة في عام 2015 إلى 791 سيارة في عام 2016، ثمّ زيادة أخرى إلى 1.582 مركبة بحلول عام 2017.
ويتوقع الآن زيادة في عدد سيارات الأجرة الهجينة إلى 2،375 سيارة بحلول عام 2018، ثمّ إلى 3،167 سيارة بحلول عام 2019، واستمرار التوسّع ليصل إلى 3،959 سيارة بحلول عام 2020، والارتفاع إلى ما يصل إلى 4،750 سيارة بحلول عام 2021.
المركبات الكهربائية ذاتية القيادة
تقوم إحدى مساعي دبي الأكثر مستقبلية على شراء المركبات ذاتية القيادة. وسيوفّر نظام النقل مركبات كهربائية ذاتية القيادة تربط جزيرة بلو ووترز (قيد الإنشاء حاليًّا) بشبكة محطات المترو في الإمارة.
ومن المقرّر أن تصبح الشبكة جاهزة للعمل في أواخر عام 2018 أو أوائل عام 2019. كما أنّها جزء من استراتيجية دبي الذكية للحراك الذاتي.
وسيضمّ نظام النقل المؤتمت 25 مركبة GRT بدون سائق قادرة على حمل 24 راكبًا في كلّ منها. وستعمل على "مسارات" خاصّة، على الرغم من أنّ الشركة المصنّعة تأمل بدء العمل بين حركة المرور الأخرى في يوم من الأيام.
ويُقال إنّ مدة الرحلة العادية تقلّ عن خمس دقائق مع حمولة أولية من الركاب تبلغ 3.750 شخصًا في كلّ اتّجاه في الساعة. والهدف هو نقل ما يصل إلى 10 آلاف شخص ذهابًا وإيابًا كلّ ساعة في يومٍ ما.
الهايبرلوب
تأمل دبي أن تطوّر خط السكك الحديدية العابر أكثر من خلال إقامة شراكة مع "هايبرلوب وان". وهذا من شأنه أن يوفّر اتّصالاً بين أبوظبي ودبي (على بعد 150 كيلومترًا) مع وقت سفر يترواح نحو 12 دقيقة، مقارنة مع ساعتين بالسيارة لنحو ألف كم / ساعة.
"هايبرلوب وان" هي إحدى الشركات الرائدة التي تعمل على تقنية الهايبرلوب. وستساعد شراكتها مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي على تطوير شبكة الهايبرلوب عاجلاً وليس آجلاً. ويمكنكم قراءة المزيد عن نظام النقل عبر الهايبرلوب وتقنياتها هنا.