
بدأت رياضة سباقات الفورمولا 1 السريعة حيث يتنافس الرجل والآلة في مواقع راقية في جميع أنحاء العالم أمام جمهور عالميّ سنويّ من أكثر من 500 مليون شخص، أول مرّة في عام 1946، وسرعان ما اكتسبت إقرارًا باعتبارها واحدة من أخطر السباقات في العالم. ومنذ ذلك الحين، الأمر الوحيد الذي ازداد سرعة أكثر من السائقين أنفسهم هو سرعة الابتكار والتكنولوجيا في الفورمولا 1، مع الوصول إلى صناعة السيارات وغيرها الكثير. وتقود الفورمولا 1 بشكل متكرّر صناعة السيارات في مجال الابتكار من خلال توفير التكنولوجيا التي تجعل السيارات أكثر سرعة وكفاءة وقدرة. ونظرًا إلى بداية موسم الفورمولا 1، دعونا نلقي نظرة على التطورات التقنية الخاصّة بهذه الرياضة الشعبيّة وكيف تمّ اعتمادها في صناعة السيارات حتّى يومنا هذا.
ما هي المستجدّات؟
مع الشعبية المشهودة التي تحيط بهذه الرياضة، استثمرت الفورمولا 1 باستمرار المليارات في تطوير التكنولوجيا وابتكارها. ومع ذلك، وبالإضافة إلى زيادة قوّى سيارات السباق، يمكن العثور على الكثير من التكنولوجيا التي تمّ تطويرها في سياراتنا التجارية اليوميّة:
-
المحرّكات الهجينة
واحدة من أهمّ التقنيات المستخدَمة في الفورمولا 1 هي نظام استعادة الطاقة (ERS) الذي تمّ تقديمه لأول مرّة في عام 2009 كنظام استعادة الطاقة الحركية. تقوم هذه التكنولوجيا بالتقاط الطاقة النظيفة وتحويلها إلى طاقة كهربائية، وإنتاج قوة 80 حصان/للكابحة إضافية للسائق. بفضل الفورمولا 1، تمّ إدخال نظام استعادة الطاقة في أحدث جيل من السيارات الفائقة، بما في ذلك سيارة لافيراري من فيراري وماكلارين P1، وبورشيه 918.
-
أنظمة السلامة
يمكن العثور على أنظمة منع انغلاق المكابح والتحكّم في الجر والتحكّم الإلكتروني بالاستقرار والتي تمّ تطويرها واختبارها لأول مرّة في الفورمولا 1، في كلّ السيارات العادية تقريبًا اليوم. يمنع نظام منع انغلاق المكابح انغلاقها عند التوقّف المفاجئ، ويقوم نظام التحكّم في الجرّ بإدارة إنتاج طاقة المحرّك إلى العجلات للتأكّد من حفاظ الإطارات على سيطرتها على الطريق. ويساعد نظام التحكّم الإلكتروني بالاستقرار بالسيارة في استعادة التوازن في حال الانزلاق. وقد تمّ حظر أنظمة السلامة الثلاثة هذه من الفورمولا 1 من أجل التركيز على مهارة السائق بدلاً من التكنولوجيا.
-
مفتاح الإشعال
تكون كلّ ثانية مهمّة في سباق الفورمولا 1. ولذلك، قام المهندسون في هذه الرياضة بتطوير مفتاح الإشعال الإلكترونيّ. في البداية، لم تكن هذه التكنولوجيا موجودة سوى في السيارات الفاخرة. أمّا اليوم، فنجدها في العديد من سيارات الإنتاج وعادةً ما تكون مرتبطة بالدخول إلى سيّارة بدون مفتاح.
-
جهاز نقل الحركة
في عام 1989، كان مصمّم فيراري البريطاني جون بارنارد رائدًا في عملية نقل السرعات الإلكترونيّة والمعروفة اليوم في الفورمولا 1 باسم ناقل الحركة اليدوي المتسلسل. إضافة إلى هذا الجهاز، تمّ تقديم أول ذراع التغيير اليدوي الذي وُضِعَ خلف عجلة القيادة في سيارة الفورمولا 1. ومنذ ذلك الحين، قامت شركات صناعة السيارات بتطوير أجهزة نقل الحركة شبه التلقائية الخاصّة بهم والفريدة من نوعها مع إتاحة ميزة التغيير اليدوي عن طريق الذراع أيضًا على نطاق واسع. وتكون معظم السيارات الآلية اليوم موحّدة مع بعض الاختلاف في علبة التروس شبه التلقائية.
-
عجلة قيادة متعدّدة الوظائف
بعد تقديم ذراع التغيير اليدوي، ركّزت الفورمولا 1 على توفير كلّ أدوات التحكّم بالسيارة في أقرب موقع ممكن من أصابع السائق، ما أدّى إلى وضع وظائف الاتصال والأزرار على عجلة القيادة؛ بالتالي، تمّ تطوير عجلة القيادة متعدّدة الوظائف. وتكون معظم السيارات اليوم مزوّدة بضوابط أساسية على عجلة القيادة للتحكّم بالراديو ونظام المعلومات والترفيه وحتّى نظام التكييف. وثمّة اعتماد آخر وهو أدوات عجلة القيادة الخاصّة بالفورمولا 1. ويمكن العثور على أضواء التروس المتغيرة والمشرقة في العديد من السيارات الفائقة اليوم.
-
الفرامل
كان أول ابتكار مرتبط بالفرامل في الفورمولا 1 هو الانتقال من الفرامل الأسطوانية إلى الفرامل القرصية. ويُعتبر التباطؤ الفعّال أمرًا بالغ الأهمية في الفورمولا 1؛ حيث توفّر الفرامل الأسطوانية قوة إيقاف أفضل وتكون أسهل للمحافظة على برودتها. تستخدم سيارات الفورمولا 1 اليوم أقراص سيراميك التهوية لخفض الوزن وتبديد الحرارة. وتستخدم معظم السيارات اليوم الفرامل القرصية في معظم السيارات الرياضية الراقية التي تكون موحّدة ومزوّدة بأقراص التهوية وأقراص السيراميك الاختيارية.
-
التعليق
قد لا نولي الكثير من الانتباه لنظام التعليق في السيارة، ولكنّه مجال ترجمته تقنية الفورمولا 1 مباشرة في سيارات الإنتاج. في الفورمولا 1، يُعتبر الحفاظ على الاستقرار بسرعة عالية أمرًا بالغ الأهميّة. ولذلك، قامت الفورمولا 1 بتطوير نظام التعليق متعدّد الروابط الذي يستخدم التعليق المستقلّ لكلّ عجلة، ما يوفّر الاستقرار والراحة على الطريق. ولذلك، اعتمدت شركات صناعة السيارات هذه التكنولوجيا في سياراتهم اليوم.
-
ألياف الكربون
إنّ واحدة من الأسباب التي تجعل سيارات الفورمولا 1 قادرة على تحقيق مثل هذه الأوقات السريعة على مسار السباق هي تكنولوجيا خفض الوزن. وبدأ صناع السيارات سريعًا باستخدام هذه المادة بعد ثلاثين عامًا من كشف ماكلارين عن أول سيارة فورمولا 1 من ألياف الكربون. تقوم ألياف الكربون بزيادة التوفير في استهلاك الوقود والسرعة بشكلٍ جذري، ولذلك، كانت معظم شركات صناعة السيارات الفائقة تستخدم هيكل السيارة المصنوع بالكامل من ألياف الكربون. أمّا المشكلة الوحيدة التي تعاني منها ألياف الكربون هي تكلفتها الباهظة، ولذلك نادرًا ما يتمّ استخدامها في معظم السيارات العادية.
-
وحدة التحكم الإلكتروني
كانت وحدة التحكّم الإلكتروني جزءًا من سيارات فورمولا 1 قبل فترة طويلة من تعميمها. اليوم، أول ما يقوم به مركز الخدمة عند الذهاب لمعاينة السيارة هو توصيل حاسوب التشخيص في التحكّم الإلكتروني بالسيارة التي تشبه دماغ السيارة وتتحكّم بخليط الهواء والوقود وتوقيت الإشعال وأداء المحرّك. قبل وحدة التحكّم الإلكتروني، كان كلّ شيء ميكانيكيًّا ومُراقب ديناميًّا بواسطة الوسائل الميكانيكية. ولكن، مع متطلبات الأداء المعقدة لسيارات فورمولا 1، تمّ تطوير وحدات التحكّم الإلكتروني وأصبحت الآن القاعدة في السيارات اليومية.
الخلاصة
إنّ السمات المتكاملة لسيارة الفورمولا 1 مثل السرعة والسلامة واتصالات البيانات وكفاءة استهلاك الوقود هي أكثر ملاءمة لسيارات الطرق اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى. تقوم سيارات الفورمولا 1 بالابتكار باستمرار وتطوير التكنولوجيا، وستستمرّ في نقل تقنيتها إلى السيارات التي نقودها اليوم وفي المستقبل. وقد ساعدت أنظمة ذراع التغيير اليدوي وأنظمة الكبح والمحركات الهجينة والمواد خفيفة الوزن من ألياف الكربون كلّها في تحسين "سلالة" المركبات التجارية اليوم.
ومع ذلك، لم تقتصر الابتكارات في سيارة الفورمولا 1 على صناعة السيارات. على سبيل المثال، يشارك فريق مرسيدس رؤيته حول الديناميكية الهوائية وديناميكيات السوائل الحسابية مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وكذلك شركة الطيران BAE Systems. ولفريق لوتس أيضًا علاقة مماثلة مع الشركة المصّنعة لطائرات بوينغ. كما تمّ تقاسم خبرة ماكلارين في مجال تحليل البيانات والمحاكاة وتكنولوجيا الاستشعار مع شركات النفط والغاز ومراقبة الحركة الجوية وحتّى صناعة الرعاية الصحية.